responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 26  صفحه : 224
[سورة فاطر (35) : آية 7]
الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (7)
ثُمَّ بَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى حَالَ حِزْبِهِ وَحَالَ حِزْبِ اللَّهِ. فَقَالَ:
الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ فَالْمُعَادِي لِلشَّيْطَانِ وَإِنْ كَانَ فِي الْحَالِ فِي عَذَابٍ ظَاهِرٍ وَلَيْسَ بِشَدِيدٍ، وَالْإِنْسَانُ إِذَا كَانَ عَاقِلًا يَخْتَارُ الْعَذَابَ الْمُنْقَطِعَ الْيَسِيرَ دَفْعًا لِلْعَذَابِ الشديد المؤبد ألا ترى أن الإنسان إذا عَرَضَ فِي طَرِيقِهِ شَوْكٌ وَنَارٌ وَلَا يَكُونُ لَهُ بُدٌّ مِنْ أَحَدِهِمَا يَتَخَطَّى الشَّوْكَ وَلَا يَدْخُلُ النَّارَ وَنِسْبَةُ النَّارِ الَّتِي فِي الدُّنْيَا إِلَى النَّارِ الَّتِي فِي الْآخِرَةِ دُونَ نِسْبَةِ الشَّوْكِ إِلَى النَّارِ الْعَاجِلَةِ.
وَقَالَ تَعَالَى: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ قَدْ ذُكِرَ تَفْسِيرُهُ مِرَارًا، / وَبُيِّنَ فِيهِ أَنَّ الإيمان في مقابلته المغفرة فلا يؤبده مُؤْمِنٌ فِي النَّارِ، وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ فِي مُقَابَلَتِهِ الأجر الكبير ثم قال تعالى:

[سورة فاطر (35) : آية 8]
أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِما يَصْنَعُونَ (8)
يَعْنِي لَيْسَ مَنْ عَمِلَ سَيِّئًا كَالَّذِي عَمِلَ صَالِحًا، كَمَا قَالَ بَعْدَ هَذَا بِآيَاتٍ وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ وَلَا الظُّلُماتُ وَلَا النُّورُ [فاطر: 19] وَلَهُ تَعَلُّقٌ بِمَا قَبْلَهُ وَذَلِكَ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ تَعَالَى لَمَّا بَيَّنَ حَالَ الْمُسِيءِ الْكَافِرِ وَالْمُحْسِنِ الْمُؤْمِنِ، وَمَا مِنْ أَحَدٍ يَعْتَرِفُ بِأَنَّهُ يَعْمَلُ سَيِّئًا إِلَّا قَلِيلٌ، فَكَانَ الْكَافِرُ يَقُولُ الَّذِي لَهُ الْعَذَابُ الشَّدِيدُ هُوَ الَّذِي يَتْبَعُ الشَّيْطَانَ وَهُوَ مُحَمَّدٌ وَقَوْمُهُ الَّذِينَ اسْتَهْوَتْهُمُ الْجِنُّ فَاتَّبَعُوهَا، وَالَّذِي لَهُ الْأَجْرُ الْعَظِيمُ نَحْنُ الَّذِينَ دُمْنَا عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ آبَاؤُنَا فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى لَسْتُمْ أَنْتُمْ بِذَلِكَ فَإِنَّ الْمُحْسِنَ غير، ومن زين له العمل السيء فَرَآهُ حَسَنًا غَيْرٌ، بَلِ الَّذِينَ زُيِّنَ لَهُمُ السيء دُونَ مَنْ أَسَاءَ وَعَلِمَ أَنَّهُ مُسِيءٌ فَإِنَّ الْجَاهِلَ الَّذِي يَعْلَمُ جَهْلَهُ وَالْمُسِيءَ الَّذِي يَعْلَمُ سُوءَ عَمَلِهِ يَرْجِعُ وَيَتُوبُ وَالَّذِي لَا يَعْلَمُ يُصِرُّ عَلَى الذُّنُوبِ وَالْمُسِيءُ الْعَالِمُ لَهُ صِفَةُ ذَمٍّ بِالْإِسَاءَةِ وَصِفَةُ مَدْحٍ بِالْعِلْمِ. وَالْمُسِيءُ الَّذِي يَرَى الْإِسَاءَةَ إِحْسَانًا لَهُ صِفَتَا ذَمٍّ الْإِسَاءَةُ وَالْجَهْلُ، ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّ الْكُلَّ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ، وَقَالَ: فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَذَلِكَ لِأَنَّ النَّاسَ أَشْخَاصُهُمْ مُتَسَاوِيَةٌ فِي الْحَقِيقَةِ وَالْإِسَاءَةُ وَالْإِحْسَانُ، وَالسَّيِّئَةُ وَالْحَسَنَةُ يَمْتَازُ بَعْضُهَا عَنْ بَعْضٍ فَإِذَا عَرَفَهَا الْبَعْضُ دُونَ الْبَعْضِ لَا يَكُونُ ذَلِكَ بِاسْتِقْلَالٍ مِنْهُمْ، فَلَا بُدَّ مِنَ الِاسْتِنَادِ إِلَى إِرَادَةِ اللَّهِ.
ثُمَّ سلى رسول الله صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ حَيْثُ حَزِنَ مِنْ إِصْرَارِهِمْ بَعْدَ إِتْيَانِهِ بِكُلِّ آيَةٍ ظَاهِرَةٍ وَحُجَّةٍ بَاهِرَةٍ فَقَالَ: فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ كَمَا قَالَ تَعَالَى: فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ عَلى آثارِهِمْ [الْكَهْفِ: 6] .
ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّ حُزْنَهُ إِنْ كَانَ لِمَا بِهِمْ مِنَ الضَّلَالِ فَاللَّهُ عَالِمٌ بِهِمْ وَبِمَا يَصْنَعُونَ لَوْ أَرَادَ إِيمَانَهُمْ وَإِحْسَانَهُمْ لَصَدَّهُمْ عَنِ الضَّلَالِ وَرَدَّهُمْ عَنِ الْإِضْلَالِ، وَإِنْ كَانَ لِمَا بِهِ منهم من الإيذاء فالله عالم بفعلهم يجازيهم على ما يصنعون.
ثم عاد إلى البيان فقال تعالى:

[سورة فاطر (35) : آية 9]
وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَسُقْناهُ إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها كَذلِكَ النُّشُورُ (9)
هُبُوبُ الرِّيَاحِ دَلِيلٌ ظَاهِرٌ عَلَى الْفَاعِلِ الْمُخْتَارِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْهَوَاءَ قَدْ يَسْكُنُ، وَقَدْ يَتَحَرَّكُ وَعِنْدَ حَرَكَتِهِ قَدْ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 26  صفحه : 224
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست